يرى عدد من خبراء نيجيرييين وكاميرونيين أن هناك العديد من النجاحات المسجلة بعد القمة الأولى في باريس قبل عامين لمواجهة الجماعات المسلحة وخاصة جماعة بوكو حرام, غير أن القمة الأخيرة التي أقيمت في أبوجا يوم السبت تعتبر بمثابة بداية “الهزيمة النهائية” للجماعة.
ففي حوالي ثلاثة أيام وقبل عدة ساعات من بداية القمة, أعلنت الكاميرون أن القوات المشتركة متعددة الجنسيات التي وضعت لمحاربة بوكو حرام نجحت في القبض على خمسة من قادة الجماعة المتطرقة، بما فيهم الحاكم التقليدي (الأمير) لـ”كومشي” في نيجيريا والذي يعرف باسم “بوكار كاو”، إضافة إلى العشرات الذين قتلوا وحوالي 60 من النساء والأطفال الذين أفرج عنهم من قبضة الجماعة.
وكما أفادت السلطات, فقد نتج عن هذه الغارات – التي تستهدف قواعد بوكو حرام في غابة “ماداوايا” الواقعة بالشمال, في وقت سابق من هذا الشهر – الإفراج عن 28 طفلا و 18 امرأة على الأقل.
قمة أبوجا وقضية بوكو حرام:
في الأسبوع الماضي, أعرب مجلس الأمن الدولي عن خطر العلاقات والارتباط بين بوكو حرام وداعش, مما يؤكد أهمية قمة الأمن التي أجريت في نيجيريا لبحث الجهود المبذولة لمكافحة المتطرفين.
لكن ذلك, كان خبر نجاح القوات المشتركة الذي أعلنت الكاميرون عنها غير مسوغ لدى بعض الشباب الأفارقة وخاصة الذين هم من الدول المتضررة من هجمات الجماعة, حيث أبدوا آراءهم على وسائل التواصل الاجتماعي, وذلك لأن الشهور الماضية شهدت أخبارا متشابهة حول تقليل قوة الجماعة واعتقال قادتها, خصوصا وأن هذا الخير الأخير جاء في ساعات قليلة قبيل تجمّع عدد من زعماء دول غرب إفريقيا والرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” وكبار الدبلوماسيين البريطانيين والأمريكيين, في قمة العاصمة النيجيرية أبوجا، لمناقشة الوضع الأمني واستراتيجيات إقليمية لمكافحة بوكو حرام.
ومهما يكن الأمر, فقد أشار رئيس نيجيريا محمد بخاري في حديثه أثناء الاجتماع أن هناك حاجة حوالي مليار دولار للمساعدة في تنمية منطقة بحيرة تشاد من أجل “القضاء على أسباب” الإرهاب.
ودعا الرئيس النيجيري إلى إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، مثل المدارس والعيادات الصحية والطرق والجسور، وكذلك إعادة تأهيل النازحين وتمكينهم، والذين معظمهم من النساء والأطفال.
وإلى جانب الدول الغربية ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي، فقد جمع الاجتماع نظراء بخاري من جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك زعماء من بنين والكاميرون وتشاد والنيجر.
مشاركة الدول الغربية في قمة أبوجا ونتائجها:
أشارت المفوضية العليا البريطانية في نيجيريا يوم السبت أن المملكة المتحدة تدعم حرب نيجيريا ضد بوكو حرام بحوالي 40 مليون يورو (16 مليار نايرا) على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وإذ تؤكد المفوضية حضور وزير الخارجية البريطاني “فيليب هاموند” في القمة، قالت في بيان على موقعها على الانترنت: “إن المملكة المتحدة تستمر في دعمها لنيجيريا في مواجهة بوكو حرام بما يقرب من 40 مليون يورو لمكافحة الإرهاب ودعم مكافحة التطرف على مدى السنوات الأربع القادمة، ويشمل تدريب ما يقرب من 1000 من العسكريين النيجيريين للانتشار في شمال شرق نيجيريا لمقاومة عمليات الشغب”.
والتقى في القمة وزير الخارجية البريطاني مع القادة الإقليميين الذي يشاركون نيجيريا في حربها لإثراء مناقشة ما يمكن للمجتمع الدولي القيام به في دعم نيجيريا مع التحديات الأمنية التي تواجهها.
ووفقا لتصريح “هاموند” أثناء حضوره للقمة: “تحرز بريطانيا ونيجيريا بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا والدول المجاورة تقدما للقضاء على بوكو حرام، ولكن يجب علينا الحفاظ على قوة الدفع لكسب الحرب، وبناء الظروف المناسبة لتحقيق الاستقرار في المنطقة”.
وفي غضون ذلك، يرى نائب وزير خارجية الولايات المتحدة “أنتوني بلينكن”, في يوم الجمعة قبل القمة, أنه لا يوجد إطار زمني لإنهاء تمرد بوكو حرام، حسب ما ورد في وكالة الأنباء النيجيرية.
وقال “بلينكن” في اجتماع القمة, إن واشنطن “ملتزمة التزاما عميقا” لمساعدة الجهود العسكرية وكذلك إعادة الإعمار، ولكن “النصر في ساحة المعركة ليست كافية”.
وأشار أيضا إلى أنه من الأهمية القصوى هزيمة بوكو حرام عسكريا، وأيديولوجيا. داعيا إلى إجراء تحقيقات في مزاعم متعددة من انتهاكات حقوق الإنسان للجيوش المشاركة في العمليات.
أما الرئيس الفرنسي “فرانسوا أولاند”, فهو يحثّ المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهد، محذرا من الحالات الإنسانية في قرى وأماكن دول حوض بحيرة تشاد – المتمثلة في نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون.
كما أشار إلى الإنجازات التي حققتها نيجيريا تحت حكومة بخاري في معركة مكافحة الإرهاب، مؤكدا على أن الهزيمة والتقليل من تأثير بوكو حرام لا يعني أن الجماعة لا تشكل تهديدا.